منشاة سليمان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي ديني - ثقافي - اجتماعي - تعليمي - رياضي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 لا تحزن ان الله معنا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sayedoraby
مشرف عام
sayedoraby


المساهمات : 97
تاريخ التسجيل : 25/12/2009
العمر : 55

لا تحزن ان الله معنا Empty
مُساهمةموضوع: لا تحزن ان الله معنا   لا تحزن ان الله معنا Icon_minitime1الإثنين أبريل 19, 2010 1:17 pm

الخصلتان الحبيبتان




أما بعد فاتقوا الله أيها المسلمون، وراقبوه واعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه، وتخلقوا بالأخلاق الفاضلة، وجاهدوا أنفسكم على الاتصاف بالصفات الحميدة فإنها سبيل إلى التقوى وطريق موصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة.

إخوة الإسلام: وتضطرب على الدوام أمور الحياة، وتكثر في هذه الدار المنغصات والمكدرات، ويصور الشاعر طرفا من هذه المعاناة حين يقول لبيد بن ربيعة العامري:

بلينا وما تبلى النـجوم الطـوالع وتبقى الديار بعـدنا والمصانـع

فلا جزع إن فـرق الـدهر بيننا فكل امرئ يوما له الـدهر فاجع

وما الناس إلا كـالديار وأهلـها بها يوم حلوها وتغـدو بلاقــع

ويمضون ارسالا وتخلف بعـدهم كما ضم إحدى الراحتين الأصابع

وما المرء إلا كالشهاب وضـوئه يحور رمادا بعد إذ هـو ساطـع

وما المرء إلا مضمرات من التقى وما المـال إلا عـاريات ودائـع

ألـيس ورائى إن تراخـت منيتي لزوم العصا تحني عليها الأصابع

.. القصيدة (1)

وأبلغ من ذلك قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في كبد [البلد: 4 ]. وقوله جل ذكره: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [آل عمران: 185] .

وأمام هذه الحقيقة الماثلة يحتاج المسلم – بل العامل – إلى نوع من التعامل يجنيه مزالق الطريق، ويجاوزه العقبات، وإلى نمط من الأخلاق يخفف عنه الصدمات ويسري عنه حين الشدائد والأزمات، ويرشد الإسلام – فيما يرشد – إلى الخروج من المأزق بالتزام الهدوء وعدم العجلة والطيش في التصرفات، ويهدي النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس ((إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة (4))).

وما أعز هاتين الخصلتين في الناس، وما أشد الحاجة إليها، أما الحلم فهو العقل، وأما الأناة فهى التثبت وترك العجلة (5).

والحلم أفضل من كظم الغيظ، لأن كظم الغيظ عبارة عن التحلم أى تكلف الحلم، ولا يحتاج إلى كظم الغيظ أي من هاج غيظه، ويحتاج فيه إلى مجاهدة شديدة، ولكن إذا تعود ذلك مدة صار ذلك اعتيادا، فلا يهيج الغيظ، وإن هاج فلن يكون في كظمه تعب، وهو الحلم الطبيعى.

وكذلك تدرب النفس على الحلم بالتحلم، كما حكاه الغزالي يرحمه الله(6).

معاشر المسلمين: ويكفى الحلم عزة ورفعة وعلو شأن أنه من أسماء الله وصفاته.

قال تعالى: واعلموا أن الله غفور حليم [ البقرة: 235 ].

ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم [ آل عمران: 155 ].

وصية من الله والله عليم حليم .[النساء: 12].



والحلم حلية أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، والخليل عليه السلام يصفه ربه بالحلم ويقول: إن إبراهيم لأواه حليم [التوبة :114]. إن إبراهيم لحليم أواه منيب [هود:75].

ويبشره ربه كذلك بابن حليم، ويكون الحلم من صفات إسماعيل عليه السلام. قال تعالى: فبشرناه بغلام حليم [الصافات :101].

ويوصف شعيب عليه السلام بالحلم والرشد من قومه، وإن كان على سبيل التهكم والاستهزاء منهم، قال تعالى: إنك لأنت الحليم الرشيد [هود:87].

لكنه كذلك وإن رغمت أنوف الملأ ويكفيه حلما وعلما أن يقول لهم: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب [هود:88].

أما صفوة الخلق وخيرة المرسلين، فيزكيه ربه بكمال الأخلاق ويقول: وإنك لعلى خلق عظيم [القلم:4].

ويجمع الله به القلوب بعد فرقتها، ويجمع به شمل النفوس بعد شرودها وضياعها، ويقول له ربه: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر [آل عمران :159].

أيها المسلمون: ويوصي الله بالحلم والرفق ومجاهدة النفس عليهما وبين آثارهما، ويقول تعالى: ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم [فصلت :24-25].

قال ابن كثير رحمه الله: أى وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك، فإنه يشق على النفوس .. ويقول جل ذكره: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [الشورى:43].

ويعلق الإمام الطبري على الآية بقوله: ولمن صبر على إساءة من أساء إليه، وغفر للمسيء إليه جرمه، فلم ينتصر منه، وهو على الانتصار منه قادر ابتغاء وجه الله عز وجل وثوابه، إن ذلك لمن عزم الأمور، ندب الله إليها عباده، وعزم عليهم العمل به.

إخوة الإسلام: ونتيجة جهل الإنسان وضعفه، فقد يبدو له أحياناً أن أسلوب الشدة هو أقصر الطرق للوصول إلى هدفه، وأن ممارسة العنف قد تعجل له حصول النتائج التى يرنو إليها .. وليس الأمر كذلك فما يحصل بالحلم والرفق والأناة خير في الآخرة والأولى، كذلك يهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته ويقـول: ((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه(4))). بل يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم أن الرفق والأناة سبب لكل خير، ويقول: ((إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلا شانه)).

ويحذر عليه الصلاة والسلام من فقد الرفق بفقد الخير كلـه وهـو القائـل: ((من يحرم الرفق يحرم الخير(1))). ومن ثم قيلSadالرفق في الأمور كالمسك في العطور(2)). وقديماً قيل: الحلم سيد الأخلاق.

وما فتئ العارفون يتمثلون الحلم في حياتهم، والأناة في تصرفاتهم، ويهدون بها غيرهم، وقد ورد أن رجلاً سبّ ابن عباس رضى الله عنهما، فلما فـرغ قـال: يا عكرمـة هل للرجل حاجة فنقضيها؟ فنكس الرجل رأسه واستحى(3).

وقال أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله تعالى: فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. هو الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت كاذباً فغفر الله لك، وإن كنت صادقاً فغفر الله لى(4).

وما أجمل ما قال الشافعي رحمه الله:

يخاطبنى السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة فأزيد حـلما كعود زاده الإحراق طيبا(5)

أخوة الإيمان: وإذا كانت الحاجة تدعو الحلم والأناة في كل حال في هذه الحياة الدنيا، فهي في زمن الشدائد والفتن أحرى وأولى، ففيها تطيش العقول، وتضطرب القلوب، وتختل المواقف، ولا يسعف المرء إلا التثبت والأناة والحلم والرفق في المدلهمات، لكن ذلك محتاج إلى صبر ومصابرة، وتغليب حظوظ الآخرة على الدنيا، ويضرب ابن عمر رضى الله عنهما أروع الأمثلة في هدوئه وأناتة ورفقه وحلمه في الفتنة ويقول: ( دخلت على حفصة، ونسواتها تنطف – أى ذوائبها تقطر – قلت: قد كان من الناس ما ترين، فلم يجعل لى من الأمر شىء، قالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فنحن أحق به ومن أبيه، قال حبيب بن مسلم لابن عمر: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عنى غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان، قال حبيب: (حفظت وعصمت(1)).

وسواء وقعت هذه الحادثة حين تفرق الحكمان في (صفين) فلم يتفقوا على أمير المؤمنين، أم كانت في زمن معاوية حين أراد أن يجعل ولاية العهد لابنه يزيد، فهي تصور أناة ابن عمر ورغبته في تسكين الأمور وعدم إثارة الفتن بين المسلمين، والحرص على جمع الكلمة، وهو ما وافقه عليه الصحابي حبيب بن مسلمة حين قال: حفظت وعصمت.

وكذلك ينبغى أن تكون الأناة والرفق والحلم منهجا للمسلم في كل حال، وتتحتم أكثر حين تكون الفتن والفرقة والخلاف، فتلك خير وسيلة لمراغمة الشيطان وجمع كلمة المسلمين، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله.

sayedoraby1968@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لا تحزن ان الله معنا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحياة الدنيوية لاشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله علية وسلم
» تـخيل لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامك للدكتور / حازم شومان
» سبع حقائق علميه على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
» موقع الطريق الى الله
» هل تحب رسول الله صلى الله علية وسلم حقا ..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منشاة سليمان :: المنتدي :: القسم الديني-
انتقل الى: